متابعة : احمد الزينبي
ما زالت أشغال تأهيل وتهيئة عدد من المشاريع بمدينة تازة تثير موجة واسعة من الجدل والاستياء، بعد ظهور اختلالات تقنية وعيوب بنيوية وُصفت بالخطيرة، خاصة على مستوى تبليط أرصفة محطة القطار التي رُوِّج لها كمحطة من “الجيل الجديد”، لاسيما واجهتها الرئيسية بشارع بئر إنزران.
وحسب معطيات متطابقة، فإن الشارع المذكور كان قد خضع قبل أشهر قليلة فقط لأشغال ترميم وتجديد الأرصفة، في إطار برنامج تهيئة شوارع المدينة ومشروع محطة القطار الجديدة، غير أن الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخرى توصلت بها وسائل إعلام محلية، كشفت عن تدهور سريع في وضعية الأرضية والأرصفة، ما أعاد إلى الواجهة أسئلة ملحّة حول جودة الأشغال واحترام المعايير التقنية المعتمدة.
وأبرزت ذات المعطيات أن التساقطات المطرية الأخيرة التي عرفتها مدينة تازة عرّت عن اختلالات تقنية واضحة، حيث تحولت أجزاء من رصيف محطة القطار إلى برك مائية، نتيجة تجمع المياه أسفل البلاط الإسمنتي، الأمر الذي عرقل حركة الراجلين وتسبب في تطاير المياه الملوثة، ناهيك عن عدم تناسق تركيب أحجار الرصيف، والذي أدى وفق شهادات متطابقة إلى سقوط عدد من المارة.
في هذا السياق، كشفت مصادر محلية أن هذه الوضعية مرشحة للتصعيد، بعدما بات متوقعاً أن تحل لجان تقنية مختصة مرفوقة بمسؤولين من وزارة النقل والسلطات المحلية بعين المكان، للوقوف على طبيعة هذه الاختلالات وتحديد المسؤوليات، خاصة وأن المشروع أُنجز تحت إشراف وزارة النقل، وتورطت فيه شركة مكلفة بالأشغال تُثار حولها تساؤلات بشأن احترامها لدفاتر التحملات.
وعلى ضوء هذه التطورات، دخلت الجمعية المغربية للكرامة وحقوق الإنسان وحماية المال العام بالمغرب على الخط، حيث وجهت مراسلات رسمية إلى كل من وزارة النقل واللوجستيك والمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، مطالبة بفتح تحقيق شامل ودقيق في الجوانب المالية والتقنية المرتبطة بمشروع محطة القطار بتازة، وترتيب الجزاءات القانونية في حق كل من ثبت تورطه، سواء من الجهات المشرفة أو المقاولة المنفذة.
واعتبرت الجمعية، في بلاغ لها، أن ما وقع يشكل مهزلة حقيقية في تدبير المال العام، وضربا صارخاً لقيم الحكامة الجيدة والأخلاق والمسؤولية، محذرة من أن استمرار مثل هذه الاختلالات يكرس فقدان الثقة بين المواطن والمؤسسات، ويسيء بشكل مباشر إلى صورة المغرب ومصداقية المشاريع العمومية، خاصة تلك التي تُقدَّم كنماذج تنموية حديثة.
من جهتهم، عبّر عدد من المواطنين وزوار المدينة عن غضبهم من الوضع الحالي، مشيرين إلى معاناتهم اليومية مع الأوحال والمياه الراكدة والروائح الكريهة الناتجة عن تحرك قطع الرصيف، مؤكدين تخوفهم من أن يتم إغلاق الرصيف مجدداً لإصلاح عيوب كان يفترض تداركها منذ البداية، في احترام تام لمعايير الجودة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات المرتقبة، يظل الرأي العام المحلي والوطني مطالبًا بكشف الحقيقة كاملة دون تمييع أو تسويف، وربط المسؤولية بالمحاسبة مهما كانت الجهات المتورطة. فمشاريع البنية التحتية ليست مجرد واجهات تجميلية، بل التزام أخلاقي وقانوني تجاه المواطنين وحقهم في مرافق آمنة تحترم معايير الجودة والشفافية. إن السكوت عن مثل هذه الاختلالات لا يعني سوى تشجيع الهدر والغش وضرب الثقة في المؤسسات، وهو ما يجعل فتح تحقيق جدي وترتيب الجزاءات اللازمة خطوة ضرورية لإعادة الاعتبار للمال العام، وصون كرامة المواطن، وحماية صورة المغرب من ممارسات تسيء إلى طموحاته التنموية.











إرسال تعليق