متابعة : احمد الزينبي
في سياق التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الوطنية، وعلى ضوء الحركة الاحتجاجية التي شهدتها عدة مدن من المملكة، عقد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الوطني، يوم الأربعاء فاتح أكتوبر 2025، اجتماعاً هاماً برئاسة الأخ الأمين العام خالد بقالي ، وقد خُصّص هذا الاجتماع لتحليل ومناقشة هذه الدينامية الاجتماعية الجديدة، التي أبان من خلالها الشباب المغربي عن وعي عميق، وغيرة حقيقية على مستقبل البلاد.
وبعد نقاش مستفيض ومسؤول وشفاف، بين أعضاء المكتب السياسي، خرج الحزب بعدد من المواقف الواضحة، التي تنبع من مرجعيته السياسية والتزامه الدائم بقضايا الوطن وهموم المواطنين، خاصة فئة الشباب التي تشكّل القلب النابض للمجتمع، ومستقبل البلاد.
وأكد الحزب في بلاغه عن تضامنه الكامل مع المطالب التي رفعها المحتجون في إطار احتجاجات سلمية وحضارية، عكست وعياً جماعياً بضرورة التغيير والإصلاح، وهي المطالب نفسها التي لطالما نادى بها الحزب الديمقراطي الوطني في برامجه وبياناته، خاصة تلك المرتبطة بالعدالة الاجتماعية، وكرامة العيش، وتكافؤ الفرص، والحق في التشغيل والتعليم والخدمات الأساسية.
إن هذه المطالب لا تخص فئة بعينها، بل تعبّر عن تطلعات ملايين المواطنين الباحثين عن غد أفضل، داخل وطن يوفر الكرامة لكل أبنائه.
وبنفس المسؤولية، يوجه الحزب نداءً صادقاً إلى كل الشباب المحتج من أجل استحضار المصلحة العليا للوطن، والابتعاد عن كل أشكال الانجرار وراء العنف أو التخريب، لأن قوة صوت الشباب تكمن في سلميته، ومشروعية مطالبه، ورقي أسلوبه في التعبير عنها ، لأن التغيير الحقيقي لا يأتي من الفوضى، بل من الحوار والتماسك المجتمعي، ومن بناء جبهة مدنية قوية قادرة على فرض التغيير بالإقناع والنضال السلمي.
وفي هذا الصدد، حمّل المكتب السياسي الحكومة المسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه ما يحدث، داعياً إياها إلى فتح قنوات الحوار الفعلي مع الشباب ومع كل الفئات الاجتماعية المتضررة، إن تقديم أجوبة مقنعة وملموسة للمطالب الشعبية لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية ملحة، إذا أردنا فعلاً تجنيب البلاد مزيداً من الاحتقان الاجتماعي، والحكومة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالخروج من صمتها، والانكباب الجدي على معالجة القضايا الحقيقية التي تهم عموم المواطنين، وعدم الاكتفاء بالحلول الترقيعية.
وانطلاقاً من مسؤوليته السياسية، يناشد الحزب الديمقراطي الوطني كل القوى الوطنية الحية، من أحزاب سياسية، ونقابات، وجمعيات مدنية، ومثقفين، إلى الانخراط في حوار وطني شامل، يضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، ويؤسس لرؤية سياسية واقعية، متجددة، تستجيب للانتظارات الآنية، وتعزز الثقة المفقودة بين المواطنين والمؤسسات.
إن المغرب اليوم في حاجة ماسة إلى نفس ديمقراطي جديد، وإلى تصالح جماعي بين الدولة والمجتمع، يُبنى على الصراحة والاعتراف بالمشاكل الحقيقية، لا على التجاهل أو التبرير.
وفي لحظة تقييم ذاتي، يسجّل المكتب السياسي بمرارة وأسف التراجع الملحوظ في أدوار الأحزاب السياسية، التي فقدت في كثير من الأحيان قدرتها على تأطير المواطنين، والتعبير الصادق عن تطلعاتهم، بسبب بعدها عن نبض الشارع، وعدم مواكبتها للتغيرات العميقة التي يعرفها المجتمع.
لهذا، فإن الحزب الديمقراطي الوطني يوجه دعوة صريحة إلى إعادة الاعتبار للعمل الحزبي، من خلال حوار داخلي عميق ومسؤول، يُعيد للأحزاب دورها الدستوري والتنموي، ويجعل منها أدوات فعلية للتغيير، قادرة على تقديم بدائل حقيقية، واقعية، وملموسة، تعكس طموحات الشعب، وتستجيب لحاجياته المتجددة.
وفي ختام هذا البيان، وجه الحزب الديمقراطي الوطني نداء إلى شباب الوطن، مؤكداً أنكم لستم وحدكم، إن أصواتكم مسموعة، ورسائلكم وصلت، ومعاناتكم مفهومة، لكن المعركة الحقيقية تبدأ الآن، وهي معركة بناء بدائل واقعية، والمشاركة في النقاش العمومي، والانخراط في العمل السياسي والمدني، وعدم ترك الفراغ يتسع أكثر.
لقد آن الأوان لكي نؤمن أن المغرب يتسع للجميع، وأن لا تنمية بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون مشاركة فعالة لكل أبناء الوطن، وفي مقدمتهم الشباب.
إرسال تعليق