التمديد لإدريس لشكر… أزمة تجديد النخب أم تكريس لاحتكار السياسة؟

  • بتاريخ : أكتوبر 19, 2025 - 10:01 ص
  • الزيارات : 27
  • متابعة : احمد الزينبي

    في الساعات الأولى من صباح يوم السبت 18 أكتوبر 2025، أعلن رسمياً عن إعادة انتخاب إدريس لشكر كاتباً أول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لولاية رابعة، خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر المنعقد في بوزنيقة. وقد تمت المصادقة على هذا التمديد بأغلبية مطلقة من المؤتمرين البالغ عددهم 1600، مقابل 26 صوتاً رافضاً.

    ورغم أن هذا القرار يستند إلى تعديل في النظام الأساسي للحزب يسمح بتمديد الولاية “إذا اقتضت ذلك المصلحة العليا للحزب”، إلا أن هذا الحدث أعاد إلى الواجهة نقاشاً عميقاً حول طبيعة الممارسة السياسية في المغرب، وأزمة تجديد النخب، واحتكار القرار الحزبي من قبل نفس الوجوه لعقود.

    وان ما يثير القلق في هذا التمديد ليس فقط استمرارية شخص على رأس حزب تاريخي، بل غياب بدائل سياسية حقيقية. لم يجد الحزب، بكل تاريخه ووزنه، شخصية جديدة تقود المرحلة المقبلة، وهو ما يطرح سؤالاً مؤلماً: أين هي الكفاءات الشابة داخل الاتحاد؟ ولماذا لم يتم إعداد قيادات بديلة قادرة على قيادة التنظيم في مرحلة جديدة؟

    إن استمرار نفس القيادات في المواقع العليا يعكس، بشكل مباشر، فشل آليات التداول الديمقراطي داخل الأحزاب، وتحولها إلى هياكل مغلقة تدار بمنطق الولاء لا الكفاءة.

    مع الأسف أصبحت السياسة في المغرب حكراً على دوائر محدودة من العائلات والشبكات المرتبطة بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية. غابت الروح النضالية التي ميزت العمل الحزبي في الماضي، وحل محلها منطق “التحكم في الموقع” بدل “خدمة المشروع السياسي”. هذا الواقع يجعل الشباب يشعرون بالعزوف عن الانخراط، لأنهم لا يرون مستقبلاً سياسياً حقيقياً داخل أحزاب تتحكم فيها نفس الوجوه لعقود.

    إن التمديد المتكرر للزعامات الحزبية ليس سوى عرض من أعراض مرض أعمق: غياب الحكامة الحزبية، وانعدام التناوب الداخلي، وضعف الديمقراطية الداخلية، ولذلك، فإن الإصلاح لا يكون بالشعارات، بل بفتح الباب أمام جيل جديد من القيادات، وإقرار حدود زمنية واضحة للمسؤوليات الحزبية، ووضع آليات شفافة للمحاسبة، وان الأحزاب السياسية ملك للمجتمع، لا للأشخاص، وهي موجودة لخدمة المواطنين والدفاع عن قضاياهم، لا لحماية زعامات تاريخية أو مصالح ضيقة ، لذلك فإن استعادة الثقة في العمل الحزبي تبدأ من إسقاط منطق “الزعيم الأبدي” وتعزيز ثقافة التناوب.

    لا أحد ينكر أن إدريس لشكر من الأسماء السياسية التي تركت بصمتها في التاريخ الحزبي للمغرب،  فهو مناضل اتحادي قديم، ساهم في الدفاع عن قيم الديمقراطية، ولعب دوراً مهماً في مسار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. لكن، ورغم هذا المسار الطويل، فإن التمديد له لولاية رابعة ككاتب أول يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الحزب وتجديد دمائه.

    ان ما حدث في مؤتمر الاتحاد الاشتراكي ليس حدثاً معزولاً، بل يعكس أزمة بنيوية تعاني منها الحياة السياسية المغربية منذ سنوات ، وإذا لم يتم تجديد النخب وفتح الأبواب أمام الشباب، فإن السياسة ستظل محتكرة ومحدودة الأثر.
    إن المعركة الحقيقية اليوم ليست فقط من أجل التغيير في الوجوه، بل من أجل بناء أحزاب ديمقراطية حقيقية تعيد الاعتبار للعمل السياسي وتقطع مع الفساد والاحتكار.