متابعة: خالد الزهواني
في الوقت الذي تتسارع فيه جهود الدولة لإطلاق مشاريع تنموية كبرى في مختلف ربوع المملكة، ما تزال مناطق عديدة في إقليم الخميسات تعيش واقعًا مختلفًا تمامًا، واقعًا مليئًا بالمعاناة والتهميش وغياب أبسط مقومات العيش الكريم.
ومن بين هذه المناطق التي تُعاني بصمت منذ سنوات طويلة، نجد المسار الطرقي الرابط بين آيت أمغار التابعة لجماعة تيداس وجمعة مول البلاد، وصولًا إلى المعاريف وآيت حكم، وهي مناطق مترامية جغرافيًا لكنها موحّدة بمعاناة واحدة: طريق مهترئة تُعد مصدر خطر بدل أن تكون وسيلة ربط وتنقّل.
كما يعتمد السكان على هذه الطريق يوميًا لقضاء حاجاتهم الأساسية، بما في ذلك تنقل العمال والفلاحين، مرور الشاحنات والسيارات الخفيفة، والنقل المدرسي للتلاميذ، إضافة إلى نقل المرضى والنساء الحوامل.
غير أن الحقيقة الميدانية تقول شيئًا آخر تمامًا: الطريق اليوم لا تصلح للسير عليها، بسبب كثرة الحفر والانجرافات وغياب الصيانة، فضلًا عن انعدام رؤية تنموية واضحة لمعالجة هذا الوضع الذي ازداد سوءًا مع مرور السنوات.
وما يزيد الوضع خطورة أن هذه الطريق ليست ثانوية كما قد يظن البعض، بل هي شريان حيوي يربط بين عدة دواوير، ويُعد المنفذ الرئيسي للساكنة نحو الأسواق والمراكز الحيوية.
وعلى امتداد المسار، يشكّل وادي الكور النقطة الأكثر خطورة.
فهذا الوادي الذي يصب في وادي أبي رقراق يتحول عند هطول الأمطار إلى حاجز مرعب يعزل الساكنة بالكامل عن العالم الخارجي، خاصة في غياب قنطرة تربط بين تراب جماعة المعازيز وآيت حكم.
وخلال فصل الشتاء تصبح الوضعية كارثية: تتوقف الدراسة بالكامل لأن التلاميذ لا يستطيعون عبور الوادي، وتُحاصر الحالات المرضية والنساء الحوامل في منازلهن، في انتظار من ينقذها أو انتظار “رحمة السماء“، كما يتعطل التزوّد بالمواد الغذائية الأساسية، مما يضع الأسر في مواجهة ظروف قاسية، إنها عزلة حقيقية لا يمكن وصفها إلا بأنها فشل تنموي وغياب تام للبنيات الأساسية.
وانتشرت مؤخرًا تسجيلات وفيديوهات مصوّرة من عين المكان، نقلها مراسلون للجريدة، كشفت واقعًا صادمًا لا يليق بمنطقة تنتمي إلى القرن الواحد والعشرين، هذه المقاطع لم تُظهر فقط تدهور الطريق، بل كشفت أيضًا المعاناة اليومية للساكنة وإحساسها بالتهميش وغياب العدالة المجالية.
لقد أصبح صوت المواطنين اليوم أقوى، والرسالة أوضح: “نحن خارج حسابات التنمية منذ عقود… نريد حقنا في البنية التحتية، لا أكثر.”
وتطالب الساكنة المحلية، ومعها فعاليات حقوقية ومدنية، بتدخل مسؤول من السلطات الإقليمية، وعلى رأسها السيد عامل الإقليم مصطفى النحيلي، للوقوف ميدانيًا على مسلك وادي الكور والطريق الرابطة بين آيت أمغار وجمعة مول البلاد، ومعاينة الوضع الكارثي الذي يتسبب في معاناة مئات الأسر.
ويطالب المواطنون الوزارة المعنية الى إحداث قنطرة مستعجلة على وادي الكور لضمان التنقل الآمن على مدار السنة، إعادة تهيئة الطريق بشكل كامل وفق معايير حديثة، إدراج المنطقة ضمن البرامج التنموية الإقليمية والجهوية، ووضع حد لحالة التهميش التاريخي التي تعانيها الدواوير المتضررة.
القضية اليوم ليست مجرد طريق محفّرة أو مسلك غير معبّد؛ إنها قضية كرامة مواطنين وحقهم في الولوج إلى الخدمات الأساسية دون خوف أو انتظار أو عزلة ، إنها قضية عدالة مجالية غابت طويلًا عن مناطق آمنت بالدولة وتحملت ما لا يتحمله غيرها.
والرسالة التي يرددها السكان اليوم هي: “نحن جزء من هذا الوطن… ونريد فقط أن نُعامل على هذا الأساس.”











إرسال تعليق